[center]
[size=24][center][center][font=Arial][color=#006699]حكم [/color][/font]
[font=Arial][color=#006699]الدعاء وفائدته[/color][/font]
[font=Arial][color=red]وجوب [/color][/font]
[font=Arial][color=red]الدعاء والدليل على ذلك:[/color][/font]
[font=Arial]قال أهل
[/font][font=Arial]السنَّة والجماعة: الدعاء واجبٌ، ولا يستجاب منه إلاّ ما وافق القضاء. فقد أمر الله
[/font][font=Arial]تعالى به، وحضَّ عليه، فقال سبحانه: [color=purple]{ٱدْعُونِى [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[/color] [غافر:60]، وقال: [color=green]{ٱدْعُواْ [/color]
[/font][font=Arial][color=green]رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[/color] [الأعراف:55]، وقال: [color=#993300]{قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ} [/color]
[/font][font=Arial][الفرقان:77]، والآيات في الباب كثيرةٍ، ولمَّا ذكر الله تعالى جملةَ ما أمر
[/font][font=Arial]به ذكر من بين ذلك الدعاء فقال تعالى: [color=#003366]{قُلْ أَمَرَ [/color]
[/font][font=Arial][color=#003366]رَبّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ [/color]
[/font][font=Arial][color=#003366]مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}[/color] [الأعراف:
[/font][font=Arial]29].
[/font][font=Arial]قال
[/font][font=Arial]الخطابي: [color=purple]"فأما من ذهب إلى إبطال الدعاء، فمذهبه [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]فاسد... ومن أبطل الدعاء فقد أنكر القرآن ورده، ولا خفاء بفساد قوله، وسقوط مذهبه" [/color]
[/font][font=Arial]- شأن الدعاء (ص8-9).
[/font][font=Arial]قال
[/font][font=Arial]الشوكاني: "إنه سبحانه وتعالى أمر عباده أن يدعوه، ثم قال: [color=#993300]{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى} [/color]
[/font][font=Arial][غافر:60]، فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة, وأن ترك دعاء الرب سبحانه استكبار,
[/font][font=Arial]ولا أقبح من هذا الاستكبار" - تحفة الذاكرين (ص 28).
[/font][font=Arial]وعن أبي
[/font][font=Arial]هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [color=red]((من لم يسأل الله يغضب عليه)) [/color]- أخرجه أحمد (2/442)،
[/font][font=Arial]والترمذي (3373)، وابن ماجه (3827)، وصححه الحاكم (1/491)، ووافقه الذهبي، وحسنه
[/font][font=Arial]الألباني في صحيح الأدب المفرد (512).
[/font] [font=Arial]قال
[/font][font=Arial]المناوي[color=purple]: "لأن تارك السؤال إما قانط وإما متكبر، وكل [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]واحد من الأمرين موجب الغضب"[/color]، ثم نقل عن ابن القيم قوله: "هذا يدل على أن
[/font][font=Arial]رضاه في مسألته وطاعته، وإذا رضي الرب تعالى فكل خير في رضاه، كما أن كل بلاء
[/font][font=Arial]ومصيبة في غضبه... فهو تعالى يغضب على من لم يسأله، كما أن الآدمي يغضب على من
[/font][font=Arial]يسأله" - فيض القدير (3/12).
[/font][font=Arial]وقال
[/font][font=Arial]المباركفوري: [color=#003300]"لأن ترك السؤال تكبر واستغناء وهذا لا [/color]
[/font][font=Arial][color=#003300]يجوز للعبد"، ونقل عن الطيبي قوله: "وذلك لأن الله يحب أن يسأل من فضله، فمن لم [/color]
[/font][font=Arial][color=#003300]يسأل الله يبغضه, والمبغوض مغضوب عليه لا محالة"[/color] - تحفة الأحوذي
[/font][font=Arial](9/221).
[/font][font=Arial]وقال
[/font][font=Arial]الشوكاني: [color=maroon]"في الحديث دليل على أن الدعاء من العبد [/color]
[/font][font=Arial][color=maroon]لربه من أهم الواجبات, وأعظم المفروضات؛ لأن تجنب ما يغضب الله منه لا خلاف في [/color]
[/font][font=Arial][color=maroon]وجوبه"[/color] - تحفة الذاكرين (ص31) بتصرف يسير.
[/font][font=Arial][color=red]فإن قال [/color][/font]
[font=Arial][color=red]قائلٌ: ما فائدة الدعاء وقد سبق القضاء؟[/color][/font]
[font=Arial]فالجواب[color=purple]: أنَّ الله تعالى شرع الدعاءَ لتكون المعاملة فيه على معنى [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]الترجِّي والتعلُّق بالطمع، الباعثَين على الطلب، دون اليقين الذي يقع معه [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]طُمأنينةُ النفس، فيُفضي بصاحبه إلى ترك العمل، والإخلادِ إلى دعةِ العطلة. فإنَّ [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]الأمرَ الدائرَ بين الظفرِ بالمطلوب،ِ وبين مخافة فوته، يحرِّك على السعيِ له [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]والدأب فيه، واليقينُ يُسكِّن النفسَ ويريحها، كما أنَّ اليأس يُبلِّدُها ويطفئُها، [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]والله يريد من العبد أن يكونَ معلَّقا بين الرجاءِ والخوف اللذَين هما قطبا [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]العبودية، وليستخرج منه بذلك الوظائف المضروبة عليه، التي هي سمة كل عبد، ونصبة كل [/color]
[/font][font=Arial][color=purple]مربوب مدبر[/color] - انظر: شأن الدعاء (ص9-10).
[/font][font=Arial]قال ابن
[/font][font=Arial]تيمية: "الناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات، فزعم قوم من المبطلين،
[/font][font=Arial]متفلسفة ومتصوفة، أنه لا فائدة فيه أصلا، فإن المشيئة الإلهية والأسباب العلوية،
[/font][font=Arial]إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب، وحينئذ فلا حاجة إلى الدعاء، أو لا تكون
[/font][font=Arial]اقتضته، وحينئذ فلا ينفع الدعاء.
[/font][font=Arial]وقال قوم
[/font][font=Arial]ممن تكلم في العلم: بل الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب، وجعلوا ارتباطه
[/font][font=Arial]بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول، لا ارتباط السبب بالمسبب، بمنزلة الخبر الصادق
[/font][font=Arial]والعلم السابق.
[/font][font=Arial]والصواب ما
[/font][font=Arial]عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب أو غيره، كسائر الأسباب المقدرة
[/font][font=Arial]والمشروعة، وسواء سمي سببا أو جزءا من السبب أو شرطا، فالمقصود هنا واحد، فإذا أراد
[/font][font=Arial]الله بعبد خيرا ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سببا للخير الذي
[/font][font=Arial]قضاه له" - اقتضاء الصراط المستقيم (2/705).
[/font][font=Arial][color=red]وقال ابن [/color][/font]
[font=Arial][color=red]القيم: "وفي هذا المقام غلط طائفتان من الناس:[/color][/font]
[font=Arial][color=red]طائفة[/color][/font]
[font=Arial]ظنت أن القدر السابق
[/font][font=Arial]يجعل الدعاء عديم الفائدة، قالوا: فإن المطلوب إن كان قد قدر فلا بد من وصوله دعا
[/font][font=Arial]العبد أو لم يدع، وإن لم يكن قد قدر فلا سبيل إلى حصوله دعا أو لم يدع. ولما رأوا
[/font][font=Arial]الكتاب والسنة والآثار قد تظاهرت بالدعاء وفضله، والحث عليه وطلبه، قالوا: هو
[/font][font=Arial]عبودية محضة، لا تأثير له في المطلوب ألبتة، وإنما تعبدنا به الله، وله أن يتعبد
[/font][font=Arial]عباده بما شاء كيف شاء.
[/font][font=Arial][color=red]والطائفة[/color][/font]
[font=Arial]الثانية ظنت أن بنفس
[/font][font=Arial]الدعاء والطلب ينال المطلوب، وأنه موجب لحصوله، حتى كأنه سبب مستقل، وربما انضاف
[/font][font=Arial]إلى ذلك شهودهم أن هذا السبب منهم وبهم، وأنهم هم الذين فعلوه، وأن نفوسهم هي التي
[/font][font=Arial]فعلته وأحدثته، وإن علموا أن الله خالق أفعال العباد وحركاتهم وسكناتهم وإراداتهم،
[/font][font=Arial]فربما غاب عنهم شهود كون ذلك بالله ومن الله، لا بهم ولا منهم، وأنه هو الذي حركهم
[/font][font=Arial]للدعاء، وقذفه في قلب العبد، وأجراه على لسانه.
[/font][font=Arial]فهاتان
[/font][font=Arial]الطائفتان غالطتان أقبح غلط، وهما محجوبتان عن الله:
[/font][font=Arial]فالأولى
[/font][font=Arial]محجوبة عن رؤية حكمته في الأسباب، ونصبها لإقامة العبودية، وتعلق الشرع والقدر بها،
[/font][font=Arial]فحجابها كثيف عن معرفة حكمة الله سبحانه وتعالى في شرعه وأمره وقدره.
[/font][font=Arial]والثانية
[/font][font=Arial]محجوبة عن رؤية مننه وفضله، وتفرده بالربوبية والتدبير، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ
[/font][font=Arial]لم يكن، وأنه لا حول للعبد ولا قوة له، بل ولا للعالم أجمع إلا به سبحانه، وأنه لا
[/font][font=Arial]تتحرك ذرة إلا بإذنه ومشيئته.
[/font][font=Arial]وقول
[/font][font=Arial]الطائفة الأولى: إن المطلوب إن قدر لا بد من حصوله، وإنه إن لم يقدر فلا مطمع في
[/font][font=Arial]حصوله، جوابه أن يقال: بقي قسم ثالث لم تذكروه، وهو أنه قدِّر بسببه، فإن وجد سببه
[/font][font=Arial]وجد ما رتب عليه، وإن لم يوجد سببه لم يوجد، ومن أسباب المطلوب الدعاء والطلب
[/font][font=Arial]اللذان إذا وجدا وجد ما رتب عليهما، كما أن من أسباب الولد الجماع، ومن أسباب الزرع
[/font][font=Arial]البذر، ونحو ذلك. وهذا القسم الثالث هو الحق.
[/font][font=Arial]ويقال
[/font][font=Arial]للطائفة الثانية: لا موجب إلا مشيئة الله تعالى، وليس ههنا سبب مستقل غيرها، فهو
[/font][font=Arial]الذي جعل السبب سببا، وهو الذي رتب على السبب حصول المسبب، ولو شاء لأوجده بغير ذلك
[/font][font=Arial]السبب، وإذا شاء منع سببية السبب، وقطع عنه اقتضاء أثره، وإذا شاء أقام له مانعا
[/font][font=Arial]يمنعه عن اقتضاء أثره مع بقاء قوته فيه، وإذا شاء رتب عليه ضد مقتضاه وموجبه،
[/font][font=Arial]فالأسباب طوع مشيئته سبحانه وقدرته، وتحت تصرفه وتدبيره، يقلبها كيف شاء" مدارج
[/font][font=Arial]السالكين (3/108-110).[/font] [/center]
[/center]
[/size][/center]